يوم 30 يناير، كانت الدنيا واقفة ، البنوك
قافلة ومعظم الناس ما بتروحش شغلها، والدبابات اللى عمرنا ما شفناها إلا فى
التلفزيون بقت فى كل شارع وأدام كل مؤسسة، كأننا فى حرب، والناس بتحرس نفسها،
والمواصلات ما بتتحركش، والناس بدأت تخزن الأكل لأنهم توقعوا تفاقم الأزمة،
والتلفزيون ما رحمش نفسه قنواتنا المحترمة كلها كانت بتخوف من اللى بيحصل والحياة
اللى واقفة والمرتبات المتعطلة، والأمن الغايب والمرور البايظ وحالات السرقة
والنهب اللى بعضها كان متفبرك، واللى كتير منها كان مبالغ فيه ومدفوع الأجر زى
الإعلانات مدفوعة الأجر، والقنوات العربية العالمية كانت بتجيب مناظر ومشاهد
لإصابات الثوار وزيادة عدد الشهداء، وحظر التجول اللى ما أعرفش كان معمول لمين لأن
كل المصريين كانوا بيتحركوا عادى جداً ولا حد معبر أى حظر، ونامت مصر على حزن وقلق
وترقب .
وفى اليوم التالى يوم 31 صحينا على دعوة
لإضراب عام يوم 1 يناير، وصور للشهداء متعلقة فى مناطق متفرقة جوه الميدان، وحلفت
الحكومة الجديدة اليمين، والمفاجأة المذهلة أن فيه ناس من الوزارة القديمة اتنقلوا
فى الوزارة الجديدة وطبعاً كده بقت معروفة أنها حكومة مباركية بشكل رسمى فهمى
نظمى، وأن الحاج أحمد شفيق لا هيحقق طموحات ولا هييسر أعمال ، وجت دعوة من عمو عمر
سليمان لكل القوى والنخبة السياسية للتحاور، وطبعا جت المفاجأة الأكبر أن الشباب
والموجودين فى التحرير طلعوا أرقى من كل التخيلات وأجدع وأنضف من عقول ناس كتير
أفسدها النظام زى ما أفسد كل شىء، ورفضوا التحاور مع أى حد ورفضوا أن القوى
السياسية تعبر عنهم فى الحوار، وكان عندهم حق طبعاً ناس سكتوا على ظلم البلد من
سنين وخافوا يعارضوا النظام بجد، وتضخمت ثرواتهم فى ظله، والأهم أنهم ما كانوش
موجودين لا هما ولا أنصارهم فى المظاهرات من أولها، وبدأوا يظهروا بدون خجل أو
حياء بعد ما الولاد صمدوا فى الميدان وكتر عدد المتظاهرين، ومرت الأيام ومع كتر
المصابين والشهداء المتظاهرين زادوا ما قلوش، فكل واحد قرر يستفيد من الوقفة لحسن
الكيكة تتقسم وما يكونش له نصيب فيها.
بس حتى ده كان مفيد لأن القوى البطيخية دى
رغم أن مالها شأى 30 لازمة لحد يومنا هذا، لكن انضمامهم الوهمى وقتها لصف
المتظاهرين يمكن سرب الخوف شوية لنفس حسنى مبارك، لأنه بقى حاسس أن حتى الحاشية
بتتخلى عنه، وأنه بكده يبقى وقوعه قرب وحبايبه بيجهزوا السكين، كمان يوم 31 يناير
بدأت الشرطة ترجع بشكل بسيط فى المرور، وكانوا واقفين وهما خايفين من الناس، وواضح
أن كان عندهم أوامر ما يحتكوش بحد، غير أنهم كانوا جرب خلال المواجهات أن المفقود
فيهم مالوش دية لا عند المتظاهرين ولا عند الحكومة، وبدأ يجى فى التلفزيون صور
للناس وهى فرحانة بنزول الشرطة تانى، وفى القنوات التانية يجى ناس من اللجان
الشعبية بتطرد العساكر والظباط من أماكنهم.
وفى الليل طلعت القوى البطيخية ببيان أنهم
هيعملوا حكومة أئتلافية تتولى تسيير الأعمال وجمعية تأسيسية لعمل دستور جديد،
ورفضوا أن البرادعى يمثلهم، وطبعاً كان مفهوم للجميع هما بيعملوا كده ليه، وطبعا
هما كانوا فى وادى والثورة كانت فى وادى وكل كان بيغنى على ليلاه، وبدأ المعارضين
لمبارك بالدعوة للمليونية، والمؤيدين كمان بدأوا يدعون لمليونية، ما أحنا شعب
كبير، أومال حسنى كان عاوز الناس تبطل خلفة ليه، عشان كان عامل حساب اليوم ده،
ولأول مرة جه على شاشات بعض القنوات شعار ان الشعب يريد محاكمة الرئيس، ونام الكل
وهو مستنى بكرة واللى هيحصل فيه ورغم أن الدبابات كانت محاوطة الميدان والمفروض
كنا نحس بأمان لكن زيادة عدد المصابين والشهداء جوه الميدان ووجود ناس بتموت برصاص
القناصة دا كان أقوى دليل على أن اللى بيحمى الثوار دول ربنا سبحانه وتعالى والكل
من المخلصين وحتى المنافقين كان خايف من بكرة ومترقبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق