الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

26 ، 27يناير

كانت لسه الصورة ملخبطة، ومعظم اللى قاعدين فى البيت ما بقوش فاهمين الشباب والبنات اللى ناموا فى ميدان التحرير فى الطل بدون غطا ولا سقف ولا توفير احتياجات أساسية، وقاعدين حول سور الجناين هناك فى الميدان، والأمن نازل فيهم ضرب، بس الحقيقة أنهم كانوا الشرارة اللى حركتنا ولأول مرة مصر تبقى فى حتتين مالهمش تالت أما الميدان أو قدام التلفزيونات لا وإيه ما كانش مطش دورى ولا كاس عالم ولا حاجة من دى، وشوية شوية الناس بدأت تتوتر أنا طبعاً بأحكى عن فئتى من الناس العادية اللى ما كانش ليهم دعوة بالسياسة وماشيين جنب الحيط ، ومالهمش دعوة بالفيس بوك ولا التويتر ولا يعرفوا عنهم إلا أنها مواقع البنات والأولاد بيكلموا بعض فيهم، وحتى الخبار واحدة زى حالاتى ما كانش ليها علاقة بيها، أنا كنت بأتعمد تجهيل نفسى سياسياً ليه هأقولكم.
بابا كان أمين حزب العمل الاشتراكى بالمنزلة وقبلها كان فى حرب 73 وقعد فى الجيش 6 سنين قبل الحرب، ماهو زمان كان الجيش بيطول قوى عشان الحرب، بابا بقى من بتوع الاتحاد الاشتراكى اللى لمهم ناصر من الشباب حواليه، كان بيحب عبد الناصر زى ناس كتير، ماهو اتعلم مجانى واتوظف ورغم كل مصايب الحكام اللى قبل مبارك الآ أن الراجل ده كان كارثى بشكل، تصورى أن بابا خرج من الجيش على الحميد المجيدورغم حالة البلد المنيلة وهى خارجة من حرب بقى، لكنه قدر هو وماما يتجوزوا ويأجروا دور كامل فى فيلا ويفرشوها فرش معتبر بمرتباتهم عارفين مرتب بابا على مرتب ماما كام 20 جنيه ومش كده وبس فى ظرف كام سنة ومن كذا جمعية على شبكة ماما اللى باعوها قدروا يشتروا أرض، طبعاً ناهيكم عن مستوى الأكل اللى كان فوق الممتاز قشطة وسمنة بلدى وجبنة من الأصلى وحلويات وفواكه ولحوم وطيور وسمك وجمبرى، وكان عندنا شغالة أه والله كان عندنا شغالة، ومعظم صحبات ماما كان عندهم شغالات وقدرنا نحجز تلاجة ودى كانت معجزة زمان التلاجات كانت بالحجز والدور وكده، وكنا بنصيف فى بورسعيد كل سنة ونشترى هدومنا من المستورد، كل ده بعشرين جنيه، دلوقتى البيت اللى دخله 2000 جنيه ما بيقدرش يقضى تلت الشهر كويس بالعافية والتلتين بالستر، مش ده المهم بس كنت عاوزة أديكم نبذة مصغرة عن الفرق الشاسع اللى حصل فى عصر الرخاااااااااااااااااااااااااااااااااااااء العظيم فى عهد القائد المفددددددددى عمو حسنى.
نرجع لبابا وعلاقته بالحدوتة المقصود من وصف وضع بابا وانتمائاته السياسية مش أننا أبين أننا بالفطرة من زمان شغالين مع الأخوان لأن بابا بس هو اللى بيحبهم واللى واخد موقف من الخوان هاديه تليفون بابا ولا يزعل، المقصود أنى نشأت فى بيت سياسى وعرفت يعنى إيه سياسة من صغرى، وقريت كتب من اللى موجودة فى مكتبتنا زى التلمود وبروتكولات صهيون واليسار القادمة والاشتراكية فى الاسلام وغيره وغيره وشفت مؤتمرات كتير لحزب العمل حضرتها من وأنا طفلة مع بابا يعنى الوعى السياسى عندى بدأ من سن 9 سنين، لكن اعتقال بابا والوضع اللى كان بيتردى يوم بعد يوم والظلم اللى الواحد كان بيشوفه ويتعرض له، خلانى أفصل نفسى عن الواقع المر ده وأركز فى دراستى وشغلى وأمشى جنب الحيط وأحارب فى محيط الضيق وعلى مساحة ضيقة، وكان حلمى أنى أسافر أكمل بره وأسيبها للى سرقوها، ما تزعلوش من الكلام ده، الظلم اللى الواحد اتعرض له كان كتير والبلد كلها كانت بتغلى العنوسة زادت والشباب ما بقاش قادر يفتح بيت، مفيش حب، ولا جواز، ولا وظايف، ولا فلوس، ولا شقق، ولا أخلاق، ولا ضمير ولا حاجة خالص، وكل ما الواحد كان بيحب يصبر نفسه كان يبص للى أقل منه زى ما اهالينا علمونا وزرعوا فينا الخوف والجبن والبعد عن المشاكل والرضا بالمقسوم، وكلمة يلا هنعمل إيه، وكنا قبل الثورة أمة عاجزة كلية، ما نقدرش حتى ندعى إلا فى سرنا لحسن تلاقى مخبر فى قفاك بيجرك إلى قاع جهنم .
عشان كده موقف الشباب دول مش ما كانش مفهوم من ناحية هما ثايرين ليه، رغم أن شكلهم كان أولاد ناس يعنى مش غلابة ولا جعانيين ولا حاجة، بالعكس كان واضح أن دول عيال من الجامعة الأمريكية، ومن الشباب اللى دايماً كانوا بيبانوا بتوع كامبات وبنات ونت وشات ومقضينها ومش فارق معاهم حد أبداً ولا حاجة خالص، بس الحقيقة اللى ما كانش مفهوم هما جابوا الشجاعة دى كلها منين وأزاى ما خافوش، ولما ما خافوش أنضم ليهم ناس كتير وكل ما يكتروا يزيد الغليان وتزيد القوة وتزيد الجماعة، وده يدى تشجيع أكتر لغيرهم عشان ينزل، ورغم هجمة الأعلام الشرسة المشوهة ليهم والكلام عن أنهم عيال مدربة وخونة، ورغم أن فيه ناس كتير كان الواحد مخدوع فيهم ظهروا وقتها يخونوا العيال دى ويبكوا بالدموع ويبثوا الرعب فى الناس على مستقبل مصر لكن العدد كان بيزيد وكلاب أمن الدولة اللى بدأوا يلبسوا مدنى ويجوا على شاشات التلفزيون بيسحلوا العيال على وشهم وهات يا ضرب ومنظر القنابل المسيلة للدموع، والدخان الكثيف وعربيات رش المية، كل دى كانت مناظر جديدة على شاشات التلفزيون كأنها بتحصل فى بلد تانية، ورغم بعدى عن القاهرة وأن المدينة كانت هادية وخالية من أى مظاهرات، لكن الحياة كانت بدأت تتلاشى ، وكل ما تروح لمحل تلاقى الناس لازقة فى شاشات التلفزيون، وابتدينا نسمع عن حالات وفاة وأصابات واعتقالات بالكوم وبدأ جوه الناس رهان ياترى الولاد دى هتصمد أد إيه ، المأساة كانت فى قطع شبكات المحمول عنهم فى التحرير، وبعدين قطع النت عنهم عشان يفقدوا الاتصال بالعالم خارج الميدان، ومنع أى حد من الوصول ليهم ومهاجتمهم بليل، بعد ما الناس تنام ويختفى أى أثر للمراسلين والصحفيين اللى بدأوا يهتموا جداً بالحدث ده ويتوقعوا تكرار سيناريو تونس، وتانى يوم بدأ التشويش على الجزيرة واللى كانت بتنقل لحظة بلحظة، وبدأ مهاجمة مكاتب الاعلاميين من كل القنوات التانية اللى بره مصر طبعاً واللى كانت بتبث، واتقطع النت عن كل مصر، والمحمول، والأرضى فى كتير من المناطق، ودخلنا فى دوامة من الصراعات رهيبة، والخوف بدأ يتسلل لقلوب ناس كتير على البلد شوية وعلى مصير العيال شوية، وليكون صحيح العيال دى مأجورة وهيخربوا البلد، ومن ناحية تانية حسنى واللى وراه مش زى بتاع تونس هيخلع ويسيبها، والحرب اللى خاضها شباب التحرير واللى استشهد فيها كتير، كانت ما تقلش ضراوة عن القلق والشك والصراع اللى بدأ يلتهم الناس، ومع ذلك ناس كتير لما اتقطع النت والمحمول قرروا ينزلوا يشوفوا بنفسهم وراحوا ما رجعوش ، وده اللى سبب اللى حصل فى يوم 28 واللى هارجع وأحكى لكم أحنا حزب الكنبة وقتها عشناه أزاى إذا كان فيه عمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق