اليوم ده الناس صاحية على مشاهد الدبابات فى
الشوارع، كل الشوارع فاضية حتى هنا فى المدينة، الحياة واقفة تماماً، مفيش مواصلات
الكل بدأ يخاف من أخبار المساجين اللى هربوا، والتلفزيون ماشاء الله ما بطلش يتكلم
عن بلطجية بيهجموا على المحلات والبنوك والبيوت، كمان سمعنا فى التلفزيون أن حتى
المتحف المصرى تم سرقته رغم أن الشباب حاولوا حمايته وعملوا دروع بشرية منهم
وحاوطوه بس طبعاً البهوات اللى سرقوا مصر مش هيصعب عليهم سرقة متحف، وفى يوم 29
دخل الجيش المتحف واكتشف السرقات ووقف التخريب ، وكان اتمسك كذا حد من الشرطة
كانوا بيسرقوا، وانسحاب الأمن طبعاً ، انتشرت الفوضى اللى كانت مقصودة كنوع من
التأديب للشعب، المرور اتبهدل اكتر مما كان والناس بدأت تتصل تصرخ وتستنجد أنهم
بيتسرقوا وناس تحتهم بيطلقوا نار، وطبعا ده بث الرعب فى قلوب كل الناس اللى حتى
كانوا بعيد عن المظاهرات، وبدأت المساجد تنادى على الشباب والرجالة فى كل منطقة
عشان تشكل منهم لجان شعبية، لأن الجيش طلب من الناس أنهم يحموا أنفسهم، بل وطلب من
المتظاهرين أنهم يروحوا بعد المغرب، عشان الجيش يقدر يمسك البلطجية، لكن ما حدش
استجاب لحدوتة المرواح.
الجديد اللى سمعناه فى اليوم ده تعيين نائب
للرئيس اسمه عمر سليمان وللجهلاء السياسيين اللى زى حالاتى ما كنتش أعرف ده مين
ومن المعلومات اللى بابا قالها لى ومن ثقة حسنى فيه عرفت أنه أكيد من الحاشية
وبيقوم بدور مؤقت الهدف منه هو التهدئة، الجو كان برد أوى فى اليوم وكنا فى أقسى
أيام الشتا فى المدينة(دمياط الجديدة) الكل بطبيعة الحال كمشان فى بيته، فما بالك
بقى لو فيه بلطجية ممكن يهجموا على بيتك ، ورغم التشويش على الجزيرة وصعوبة الوصول
ليها، كان فيه قنوات تانية بتجيب الأخبار وكنا يدوب بنقلب القناة دى لدى ، وبدأ
ضرب النار فى الميدان من قناصة وقتها قالوا عنهم طرف تالت، وأن فيه ناس مندسين فى
وسط الثوار وهما اللى بيضربوا فيهم، وفى اليوم ده عرفنا أنه فيه مستشفى ميدانى فى
مسجد عمر مكرم، وبدأوا يناشدوا الأطباء المتطوعين يروحوا للميدان لأن المصابين
اللى بيروحوا المستشفيات بيتم اعتقالهم واللى بيخرج من الميدان ما بيتعرفش هو راح
فين، وكنا بدأنا نشوف خيم منصوبة جوه ميدان التحرير فعلا.
وقبل حلول الليل سمعنا عن تكليف واحد اسمه
أحمد شفيق بتشكيل حكومة وطبعا الجهلاء
اللى زيى برضة ما كانوش عارفين أنه كان وزير طيران، كنت أول مرة أعرف أنه فيه
وزارة طيران فى مصر أصلاً، شكلى كنت عايشة بره، وجه الليل وقت الأسبح كان الرعب
استبد بالناس بشكل كبير من كتر الاتصالات اللى جت على التلفزيونات وبدأ كل الشباب
والرجالة يقضوا ليلتهم فى الشوارع واقفين ومعاهم خشب وسكاكين بيتحركوا بين البيوت
يأمنوا مداخلها ويعملوا حركة فى الشارع عشان لو فيه حد سولت له نفسه يدخل كده ولا
كده يخاف من تجمعهم والحقيقة أن رغم برودة الجو الشديد إلا أنهم بارك الله فيهم
استحملوا والغريب أن كلهم كان عندهم شغل تانى يوم، والناس من رعبهم بقت واقفة
تتابعهم وكأنها بتحميهم أو بتساعدهم فى الحماية من جوه البيوت ومن البلكونات
والشبابيك، والوضع فضل كده الأيام اللى تتابعت الشباب بيحموا الشارع طول الليل
يروحوا شغلهم يرجعوا يناموا شوية بالنهار ويكملوا نوبة حراسة بليل تانى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق