الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

2فبراير(موقعة الجمل)



كان يوم هيكتب عنه التاريخ كتير، واتعمل عنه فيلم مؤخراً وفاز بجوائز كتير، اليوم كان نصر من عند ربنا للثوار اللى كانوا اتبهدلوا من الناس اللى بدأوا يستغربوا موقفهم بعد الخطاب إياها اللى شق صفوفهم وقلبهم على بعض، لدرجة أن الميدان تقريبا بقى فاضى إلا من المجموعة الصامدة اللى لولاها كان فاتنا لسه تحت حكم مبارك وأعوانه لحد النهاردة، كنا كلنا بالذات اللى فى البيوت متأثرين جداً بخطاب مبارك، وهو كمان كان بيعمل زيارات مش مفهومة للجيش ومراكز القيادة بتاعته وكأنه بيحاول يثبت للناس أنه لسه مسيطرة على الجيش مما يعنى أن الجيش الورقة الأخيرة اللى ممكن يستخدمها ضد الناس وقتما شاء، ومن الناحية التانية بيعيد بناء جدران الثقة والتواصل بينه وبين الجيش اللى كان فقد التواصل معاه من فترة، ويمكن بيستعطفهم، لكن على كلا الناس بعد الخطاب كانت متخيلة أنه كده وصل لقمة التنازلات والذل وأن كلها كام شهر ويغور بطريقة سلمية، لأن الكل كان خايفة من مواجهة بين الشرطة والشعب تانى أو بين الجيش والشعب وكده تبقى مصر اتدمرت.
والثوار لقيوا نفسهم فى موضع تخوين واتهامات بالعجرفة وانهم عاوزين يضيعوا البلد، وكلام زى الهباب بيتقال عنهم فى أبواق الإعلام ليل نهار، لكن ربنا أراد لهم النصر ولمصر وأراد لحسنى مبارك الخزى والعار هو وأتباعه، مجموعة من أتباع مبارك لما عرفوا أن لسه فيه ثوار فى الميدان قالك دول كام عيل تافهين نخوفهم هيهربوا، وطلبوا من بتوع الجمال والأحصنة اللى فى الهرم يروحوا الميدان بحجة يؤيدوا مبارك، والعبط صدقوهم وراحوا وأحنا بقى على شاشات التلفزيون بدأنا نشوف جمال وأحصنة داخلين الميدان، وكان أغرب منظر شافته مصر فى القرن ده بعد شكل المليونيات، الأسخف لما شلة مبارك سخنوا بعض المؤيدين لمبارك عشان يروحوا يطردوا الثوار من الميدان وده يدل على عقلية حاشية مبارك، واللى تتسم بالغباء ، واللى كانت بتتحكم فى حكم بلد له حضارة زى مصر.
لكن انقلب السحر على الساحر، والناس لما شافت المنظر ده على شاشات التلفزيون وبدأوا يسمعوا عن أن أولادهم بيموتوا بالرصاص الحى، كانت الانطلاقة بلا رجعة، وكان الموقف ده بدل ما يطرد الثوار استقطب عدد من الثوار والاستشهاديين، وكل ما يزيد عدد الضحايا والمصابين ونسمع عن شهداء، يزيد العدد اللى بينضم للثوار فى الميدان والناس رجعت تسخط على مبارك وعلى حاشيته ورجعوا يتعاطفوا مع الثوار، مش كده وبس تأكدوا أنه كذاب ومالوش حل ولا هو حتى ناوى يتوب الشياطين اللى رباهم فى حجره وبرعاية نظامه هيفضلوا يزقوه للمشى فى نفس الدرب عشان يكمل المشوار ماهو البرفان اللى من غيره مش هيقدروا يكملوا جرايمهم فى حق الشعب المصرى ومش هيقدورا يمصوا دمنا لأخر قطرة.
وكانت أول مرة برضة يتحول المسجد لمستشفى ميدانى، وانطلقت التعليقات المحلية والعالمية تنكت على موقعة الجمل، وفيه اللى سماها موقعة الجحش، ومع تزايد عدد الشهداء والمصابين ارتفه سقف المطالب مش بس لعزل مبارك ولمحاكمته هو ورجالته، واستمر التراشق بالحجارة بين الثوار فى الميدان ومؤيدين مبارك اللى كانوا واقفين فوق الكوبرى بيرشقوهم بالحجارة، لكن ماحدش كان فاهم ولا عارف الرصاص الحى وزجاجات المولوتوف جاية منين وبسرعة الميدان اتخلع بلاطه وكان فيه مبنى بيتعمل فيه تعديلات ومتحاوط بالصاج خلعوه وعملوا منه دروع واتحول الميدان لمعركة حرب حقيقة ، وكانوا الثوار بيقاتلوا ببسالة وطبعا التلفزيون المصرى وفضائياته  ولا رحموهم، بس مش موقعة الجمل هى اللى خلت الناس تصدق الثوار وتنضم ليهم الدم اللى سال واللى عينه راحت واللى رجله راحت واعتقد أن اليوم ده كان من أسوأ الأيام اللى مرت بيها مصر ومع ذلك ميلاد الثورة الحقيقى فى نظرى بدأ من موقعة الجمل.

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

واحد فبراير



كان يوم غريب وكان فيه دعوة مليونية انتشرت بين كل الناس قبل اليوم دى ، أن لازم يجتمع أكثر من مليون مواطن مصرى فى الميدان وفى كل ميادين مصر التانية عشان يطالبوا برحيل مبارك، وبالفعل القنوات نقلت الزحام والتكدس بتاع الناس، ومعظم محافظات مصر خرجت يومها فى مظاهرات، والجيش كان حوالين الميدان وتقريباً كان فيه دبابات فى معظم شوارع وميادين جمهورية مصر، كان أول يوم الناس تحس بجد أن دى ثورة من شدة الزحام والتكدس ورجع الاتصالات متقطعة والنت بقى يشتغل ويقطع ودا اللى خلى الناس تدخل بغزارة لدرجة أن الشبكات كانت بتقع، وطبعاً كان فيه كتير زى حالاتى ما يعرفوش حاجات كتير عن الفيس بوك وصفحات خالد سعيد والتويتر والقصص دى كنت مفكراها مواقع للتعارف بين الشباب والبنات، فما فكرتش أدخلها قبل الثورة بصراحة، لكن اللى ما كانش عارف عرف، والناس بقت تعرف المعلومات اللى بيحجبها التلفزيون المصرى اللى ما كنش حد بيشوفه أصلا، بالعكس الناس كانت بتتبع ترددات القنوات اللى كانت بيتغلوش عليها.
طبعا القنوات اللى زى الجزيرة والبى بى سى والعربية كانت بتنقل بث مباشر، والطائرات بدأت تظهر فوق سما التحرير، وشكل الناس كان يفرح القلب، كان فعلا يوم فرح من الأيام القليلة فى حياة مصر، أن الناس طبعا بالشكل ده أكدت كسر حاجز الخوف جواها، والكترة كانت بتديهم احساس بالأمان وضمان أنهم هيوصلوا للى هما عاوزينه، كانت بدأت صور الشهداء تنطبع وتظهر جلية وكترتهم كانت تقطع القلب وخاصة أن كلهم شباب ومش شباب عادى دول مهندسين ومحاسبين ورسامين يعنى لا شباب بايظ ولا عاطل، واللى كان يزعل أكتر أن كان فيهم ناس متزوجين وعندهم أطفال صغيرة، وبدأت اللافتات والعبارات اللى كانت بتحمل تهكم وشتيمة واتهامات بالخيانة وفى كل مرة كانت بتنتهى العبارة بأرحل، وفى الشارع كان الوضع هادىء جداً وكأن المدينة بقت مدينة أشباح مفيهاش بشر، سواء لأن الناس خايفة على نفسها وعلى ولادها من البلطجية، أو لأنهم مزروعين قدام التلفزيون، وكان على التلفزيون بدأ يظهر فرق تمثل مهن ونقابات مختلفة ومحافظات مختلفة كمان دكاترة لابسين بالطو أبيض، ومحامين لابسين الروب الأسود وشيوخ من الأزهر وكله شايل يافطات تؤيد رحيل مبارك، غير الابداعات اللى ابدعها الشعب، واتشافت صور لناس بتغنى وشعر بيتألف مخصوص عشان رحيل مبارك، والناس فضلت طول النهار فى تزايد لدرجة أنى تخيلت أن كل المصريين سابوا مصر وراحوا الميدان.
وطول اليوم كان التلفزيون والقنوات الفضائية المصرية بتهد الصورة دى بأنها تجيب فنانين ورجال دين وناس عادية تحسس ان اللى قاعد قدام التلفزيون أن البلد بتضيع بسبب المأجورين بتوع التحرير، وأنهم شوية عيال مضحوك عليهم وقابضين فلوس، وعلى الجانب الأخر خرجت مظاهرة مؤيدة لمبارك وطبعا جماعة المنتفعين حشدوا لها وبتوع الحزب واتباع سيدهم السيد خرجوا بالأمر المباشر، وعمو شفيق بتاع البونبونى طلع على التلفزيون يتكلم بشكل مهذب ويخفف من حدة التوتر وكان باين عليه الإجهاد وكأنه ما بينماش ودا كان دليل على أن الحكومة ما بتنامش فعلا للبحث عن حلول سريعة، ورغم كده أول ما شكك فى أنها ثورة الناس قلبت عليه، وطلع وزير المالية اللطيف يقول أن الدعم هيظل موجود ومشاكل الأجور هتتحل قريباً، والأهم أن الجيش طلع يحذر من إرتداء الزى المشابه لزى الجيش وظهروا فعلا بزى مختلف، وطلع المسئول عن الشئون المعنوية يخاطب الشعب ويفهمهم أن الناس من حقها تتظاهر وأن الجيش فى صف الناس ولا يمكن يعتدى على حد أو يطلق رصاصة على مصرى، وحذروا من المندسين بين المتظاهرين على أنهم من الجيش وهما بلطجية بيألبوا الناس على الجيش عشان يحصل احتكاك فيثور الناس على الجيش ويتشكك فى نواياه ويبدأ الحرب بين الناس والجيش ، وكان ده وقتها كفيل بإجهاض الثورة لكن الناس كانت أذكياء والجيش كمان للأمانة يتحسب له إعلانه وتغييره لزيه ودا عطى الأمان للناس وثبت يقينهم فى أن الجيش فى صف الشعب، وكان بدأ يتم القبض على البلطجية ويظهر ده فى التلفزيون وبدأت الشرطة العسكرية تمسك أعداد كبيرة من البلطجية حتى من اللى فى الميدان وخاصة اللى بيمسكوهم الثوار، وظهرت حملات التفتيش فى مداخل الميدان.
وعلى التلفزيونات العربية والعالمية ظهر مشهدين الناس اللى مش مصرية اللى بتهرب وتطلع على قنوات بلادهم تحكى عن الرعب والفوضى فى مصر، والمشهد التانى  للمصريين اللى فى الدول العربية والأجنبية اللى خرجوا فى مظاهرات واتجمعوا أدام السفارة المصرية فى كل مكان للمطالبة برحيل مبارك، المشهد الغريب بقى فى اليوم ده واللى تابعوه الناس على شاشات التلفزيون هو أن عمر سليمان (نايب الريس المخلوع) طلع يطالب كل القوى بالجلوس على طاولة الحوار طبعا عشان يغريهم ويجعلهم يتخلوا عن الثوار والثورة ويرجعوا لأماكنهم فى اللعبة كأحزاب كرتونية، ونسيوا أصلا أن الأحزاب لا ثقل لها على الإطلاق، لكن المدهش أن الأحزاب والقوى السياسية رفضت الحوار إلا بعد التنحى وخاصة أن الميدان أعلن أن الأحزاب لا تمثل إلا نفسها فقط، فاتكسفوا على دمهم وحبوا يعملوها بجميله على أساس أنهم فعلا كانوا رافضين.
وجه الليل وسمعنا أن عمو حسنى هيخطب، والناس فضلت تستنى الخطاب لحد نص الليل وجه الخطاب كأنه خطاب استعطاف ، وكأن الراجل بيستجدى الناس أنهم يسيبوه يطلع بكرامة فى نهاية الكام شهر اللى فاضلين ليه، وأنه عاش وعاوز يموت جوه بلده ويندفن فى تراب مصر، وأنه هياخد التدابير اللازمة لمحاسبة الفاسدين وأن مجلسى الشعب والشورى هيبدأ فى الإعداد لمشروع التجهيز لتداول السلطة بشكل قانون وشرعى.
طبعا الناس فى البيوت ومنهم أنا كنا هنعيط وصعب علينا الراجل، وأول ما خلص الخطاب كلمتنى صافى صاحبتى وفضلنا نحلل الخطاب واتفقنا على أنه كده حلو لا هو هيترشح ولا ابنه والراجل فضل له كام شهر ويمشى والميدان موجود هو هيطير، والصح بقى أن الشباب اللى فى الميدان يرجعوا، وبدأنا نقول لو ما رجعوش بصراحة يبقى فيه إن ، أيوة أنا وقتها فكرت كده باعترف نسيت كل مساوىء الراجل ده وبلاويه ومصايبه، كانت غلطة بس أحنا شعب عاطفى، تكوينا كده ونمنا وأحنا كلنا متعاطفين معاه فى البيوت وعاوزين القصة دى تنتهى بقى والناس تكلم ولادها يرجعوا لبيوتهم ونشوف بعد كام شهر هيحصل إيه إن ما كانش يبقى عندهم حق ومصر كلها تنزل تثور ضده ، بس ربنا كان له تدبير تانى.....يتبع

الخميس، 13 ديسمبر 2012

يوم 30 و31



يوم 30 يناير، كانت الدنيا واقفة ، البنوك قافلة ومعظم الناس ما بتروحش شغلها، والدبابات اللى عمرنا ما شفناها إلا فى التلفزيون بقت فى كل شارع وأدام كل مؤسسة، كأننا فى حرب، والناس بتحرس نفسها، والمواصلات ما بتتحركش، والناس بدأت تخزن الأكل لأنهم توقعوا تفاقم الأزمة، والتلفزيون ما رحمش نفسه قنواتنا المحترمة كلها كانت بتخوف من اللى بيحصل والحياة اللى واقفة والمرتبات المتعطلة، والأمن الغايب والمرور البايظ وحالات السرقة والنهب اللى بعضها كان متفبرك، واللى كتير منها كان مبالغ فيه ومدفوع الأجر زى الإعلانات مدفوعة الأجر، والقنوات العربية العالمية كانت بتجيب مناظر ومشاهد لإصابات الثوار وزيادة عدد الشهداء، وحظر التجول اللى ما أعرفش كان معمول لمين لأن كل المصريين كانوا بيتحركوا عادى جداً ولا حد معبر أى حظر، ونامت مصر على حزن وقلق وترقب .
وفى اليوم التالى يوم 31 صحينا على دعوة لإضراب عام يوم 1 يناير، وصور للشهداء متعلقة فى مناطق متفرقة جوه الميدان، وحلفت الحكومة الجديدة اليمين، والمفاجأة المذهلة أن فيه ناس من الوزارة القديمة اتنقلوا فى الوزارة الجديدة وطبعاً كده بقت معروفة أنها حكومة مباركية بشكل رسمى فهمى نظمى، وأن الحاج أحمد شفيق لا هيحقق طموحات ولا هييسر أعمال ، وجت دعوة من عمو عمر سليمان لكل القوى والنخبة السياسية للتحاور، وطبعا جت المفاجأة الأكبر أن الشباب والموجودين فى التحرير طلعوا أرقى من كل التخيلات وأجدع وأنضف من عقول ناس كتير أفسدها النظام زى ما أفسد كل شىء، ورفضوا التحاور مع أى حد ورفضوا أن القوى السياسية تعبر عنهم فى الحوار، وكان عندهم حق طبعاً ناس سكتوا على ظلم البلد من سنين وخافوا يعارضوا النظام بجد، وتضخمت ثرواتهم فى ظله، والأهم أنهم ما كانوش موجودين لا هما ولا أنصارهم فى المظاهرات من أولها، وبدأوا يظهروا بدون خجل أو حياء بعد ما الولاد صمدوا فى الميدان وكتر عدد المتظاهرين، ومرت الأيام ومع كتر المصابين والشهداء المتظاهرين زادوا ما قلوش، فكل واحد قرر يستفيد من الوقفة لحسن الكيكة تتقسم وما يكونش له نصيب فيها.
بس حتى ده كان مفيد لأن القوى البطيخية دى رغم أن مالها شأى 30 لازمة لحد يومنا هذا، لكن انضمامهم الوهمى وقتها لصف المتظاهرين يمكن سرب الخوف شوية لنفس حسنى مبارك، لأنه بقى حاسس أن حتى الحاشية بتتخلى عنه، وأنه بكده يبقى وقوعه قرب وحبايبه بيجهزوا السكين، كمان يوم 31 يناير بدأت الشرطة ترجع بشكل بسيط فى المرور، وكانوا واقفين وهما خايفين من الناس، وواضح أن كان عندهم أوامر ما يحتكوش بحد، غير أنهم كانوا جرب خلال المواجهات أن المفقود فيهم مالوش دية لا عند المتظاهرين ولا عند الحكومة، وبدأ يجى فى التلفزيون صور للناس وهى فرحانة بنزول الشرطة تانى، وفى القنوات التانية يجى ناس من اللجان الشعبية بتطرد العساكر والظباط من أماكنهم.
وفى الليل طلعت القوى البطيخية ببيان أنهم هيعملوا حكومة أئتلافية تتولى تسيير الأعمال وجمعية تأسيسية لعمل دستور جديد، ورفضوا أن البرادعى يمثلهم، وطبعاً كان مفهوم للجميع هما بيعملوا كده ليه، وطبعا هما كانوا فى وادى والثورة كانت فى وادى وكل كان بيغنى على ليلاه، وبدأ المعارضين لمبارك بالدعوة للمليونية، والمؤيدين كمان بدأوا يدعون لمليونية، ما أحنا شعب كبير، أومال حسنى كان عاوز الناس تبطل خلفة ليه، عشان كان عامل حساب اليوم ده، ولأول مرة جه على شاشات بعض القنوات شعار ان الشعب يريد محاكمة الرئيس، ونام الكل وهو مستنى بكرة واللى هيحصل فيه ورغم أن الدبابات كانت محاوطة الميدان والمفروض كنا نحس بأمان لكن زيادة عدد المصابين والشهداء جوه الميدان ووجود ناس بتموت برصاص القناصة دا كان أقوى دليل على أن اللى بيحمى الثوار دول ربنا سبحانه وتعالى والكل من المخلصين وحتى المنافقين كان خايف من بكرة ومترقبه.

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

يوم 29



اليوم ده الناس صاحية على مشاهد الدبابات فى الشوارع، كل الشوارع فاضية حتى هنا فى المدينة، الحياة واقفة تماماً، مفيش مواصلات الكل بدأ يخاف من أخبار المساجين اللى هربوا، والتلفزيون ماشاء الله ما بطلش يتكلم عن بلطجية بيهجموا على المحلات والبنوك والبيوت، كمان سمعنا فى التلفزيون أن حتى المتحف المصرى تم سرقته رغم أن الشباب حاولوا حمايته وعملوا دروع بشرية منهم وحاوطوه بس طبعاً البهوات اللى سرقوا مصر مش هيصعب عليهم سرقة متحف، وفى يوم 29 دخل الجيش المتحف واكتشف السرقات ووقف التخريب ، وكان اتمسك كذا حد من الشرطة كانوا بيسرقوا، وانسحاب الأمن طبعاً ، انتشرت الفوضى اللى كانت مقصودة كنوع من التأديب للشعب، المرور اتبهدل اكتر مما كان والناس بدأت تتصل تصرخ وتستنجد أنهم بيتسرقوا وناس تحتهم بيطلقوا نار، وطبعا ده بث الرعب فى قلوب كل الناس اللى حتى كانوا بعيد عن المظاهرات، وبدأت المساجد تنادى على الشباب والرجالة فى كل منطقة عشان تشكل منهم لجان شعبية، لأن الجيش طلب من الناس أنهم يحموا أنفسهم، بل وطلب من المتظاهرين أنهم يروحوا بعد المغرب، عشان الجيش يقدر يمسك البلطجية، لكن ما حدش استجاب لحدوتة المرواح.
الجديد اللى سمعناه فى اليوم ده تعيين نائب للرئيس اسمه عمر سليمان وللجهلاء السياسيين اللى زى حالاتى ما كنتش أعرف ده مين ومن المعلومات اللى بابا قالها لى ومن ثقة حسنى فيه عرفت أنه أكيد من الحاشية وبيقوم بدور مؤقت الهدف منه هو التهدئة، الجو كان برد أوى فى اليوم وكنا فى أقسى أيام الشتا فى المدينة(دمياط الجديدة) الكل بطبيعة الحال كمشان فى بيته، فما بالك بقى لو فيه بلطجية ممكن يهجموا على بيتك ، ورغم التشويش على الجزيرة وصعوبة الوصول ليها، كان فيه قنوات تانية بتجيب الأخبار وكنا يدوب بنقلب القناة دى لدى ، وبدأ ضرب النار فى الميدان من قناصة وقتها قالوا عنهم طرف تالت، وأن فيه ناس مندسين فى وسط الثوار وهما اللى بيضربوا فيهم، وفى اليوم ده عرفنا أنه فيه مستشفى ميدانى فى مسجد عمر مكرم، وبدأوا يناشدوا الأطباء المتطوعين يروحوا للميدان لأن المصابين اللى بيروحوا المستشفيات بيتم اعتقالهم واللى بيخرج من الميدان ما بيتعرفش هو راح فين، وكنا بدأنا نشوف خيم منصوبة جوه ميدان التحرير فعلا.
وقبل حلول الليل سمعنا عن تكليف واحد اسمه أحمد شفيق بتشكيل حكومة  وطبعا الجهلاء اللى زيى برضة ما كانوش عارفين أنه كان وزير طيران، كنت أول مرة أعرف أنه فيه وزارة طيران فى مصر أصلاً، شكلى كنت عايشة بره، وجه الليل وقت الأسبح كان الرعب استبد بالناس بشكل كبير من كتر الاتصالات اللى جت على التلفزيونات وبدأ كل الشباب والرجالة يقضوا ليلتهم فى الشوارع واقفين ومعاهم خشب وسكاكين بيتحركوا بين البيوت يأمنوا مداخلها ويعملوا حركة فى الشارع عشان لو فيه حد سولت له نفسه يدخل كده ولا كده يخاف من تجمعهم والحقيقة أن رغم برودة الجو الشديد إلا أنهم بارك الله فيهم استحملوا والغريب أن كلهم كان عندهم شغل تانى يوم، والناس من رعبهم بقت واقفة تتابعهم وكأنها بتحميهم أو بتساعدهم فى الحماية من جوه البيوت ومن البلكونات والشبابيك، والوضع فضل كده الأيام اللى تتابعت الشباب بيحموا الشارع طول الليل يروحوا شغلهم يرجعوا يناموا شوية بالنهار ويكملوا نوبة حراسة بليل تانى.

الأحد، 9 ديسمبر 2012

يوم 28



كان من أغرب الأيام اللى مرت على مصر بعد 3 أيام ، سمعنا وشفنا فى التلفزيون وجربنا حاجات كنا بنقرا عنها، لكن عمرنا ما جربناها، الأول تظاهر بالآلاف فى كل محافظات، وسماع عن قتلى وجرحى بأعداد عمالة تتزايد، و قطع للنت والتليفون، وسماع عن حظر تجول، وناس كتيرة طالعين يشوشونا بكلامهم أن العيال دى فيهم ناس مدربة برة فى أمريكا واسرائيل، وناس بتوزع فلوس، وأن التحرير مليان عليان بتبرشم وبتتعاطى، وتحرش جنسى وحواديت، وكل اللى يتصل يبكى ويتشحتف على مصر، كل ده والنظام أخرس كأن ده بيحصل فى بلد تانية فى قارة تانية، بس ده كنا أعتادنا عليه من كتر الاعتصامات وطول المدد اللى كانوا بيعتصموها الناس فى الشوارع ولا حدش يعبرهم لا وزير ولا غفير، من بتوع ضرائب عقارية لبتوع مصانع اتخصصت وشركات قطاع عام وتم تسريحهم من غير حتى معاشات، لإضراب عمال المحلة، وكان الدنيا والعة طبيعى بس التعتيم الإعلامى ما كانش بيقدر يستمر قدام الاعتصامات اللى مددها ساعات بتتجاوز الشهر، فواضح أن ده كله كان فعلا تدريب للطرفين، تدريب للمصريين يطلعوا صوتهم، وللحكومة أنها تسوق الاستعباط وتطنش.
وبعد خروج المعلم الكبير قوى/ أبو ضب قاتل سعاد حسنى ووزير الإعلام السابق ورئيس مجلس البطيخ، ومهندس حزب الحرامية، وقالك الحزب شامخ ماحدش هرب ولا ركب الطيارة، وأن الشباب ده مضلل ومضحوك عليه وأن مطالب الناس فوق رؤوسنا بس يطلبوا بأدب، ودا كان خطاب يوم 27 غاية فى الاستفزاز وزود تعاطف الناس مع المتظاهرين اللى كانوا انطحوا من يوم 25 لحد 28واتملت المعتقلات بالمعتقلين العشوائيين وكان بيجى صور فى التلفزيون لناس لابسة مدنى الكل طبعاً فاهم أنهم أمن مركزى وأمناء شرطة ولابسين مدنيين، يوم 28 الغريب والجديد اللى فيه مش اندلاع المظاهرات فى كل محافظات مصر لحد سيناء والعريش والشيخ زويد ورفح، ولا البورصة اللى خربت ، ولا المتظاهرين اللى انضم لهم أعداد غفيرة من الناس، وكان اللى ينضرب ويتصاب يروح يتعالج ويرجع تانى، مش كسر حاجز الخوف والصمت ، لكن الجديد هو كم الاصابات اللى بدأت تحصل فى صفوف الشرطة والمظهر اللى كانوا عليه من أنهيار وتعب.
ويوم 28 كان فيه دعوات كتيرة لجمعة الغضب وكل الأحزاب الكرتونية المدعية قررت أنها تشارك، واللى كان مكسوف من نفسه وبيقول أحنا كنا عاوزين نهدى الوضع ونحافظ على البلد وما منعناش أى حد تبعنا يشارك، بدأوا يقوموا بدعوة الناس اللى تبعهم للمشاركة بقوة فى مظاهرات جمعة الغضب، واتبدلت الشعارات من يوم 25 اللى كانت محصورة فى عيش حرية كرامة أنسانية، اتغيرت للشعب يريد إسقاط النظام، وخرجت المظاهرات من كل مساجد مصر، رغم أن خطب كل الدعاة كانت للتهدئة بالأمر المباشر، وطول اليوم قنوات الأخبار العربية والأجنبية بتجيب مشاهد بديعة لتقدم الثوار اللى فى اليوم ده فعلا بدأ الكل يقول عنهم ثوار، مش متظاهرين، وبدأ يطلق على اللى بيحصل ثورة مش تظاهرات، وعلى الساعة 8 بدأت الأخبار تتوالى ، انسحاب الشرطة، حرق مقرات الحزب الوطنى، وأقسام شرطة فى محافظات كتير، وحرق لمكاتب شركات لأحمد عز، هروب مساجين من سجون مصر، انتشار بلطجية، ونزول الجيش، الحقيقة انسحاب الشرطة كانت فرحة ما بعدها فرحة ونزول الجيش أكد انتصار الثوار ومكسبهم على الأرض، ورغم ان كان فيه مخاوف قليلة أن الجيش ياخد أوامر بالضرب، لكن الحقيقة كان جوانا إيمان أن الجيش عمره ما هيوافق يضرب، وما كانش قدامنا غير الاعتماد على ربنا فى حاجة زى كده وأنه يثبت الجيش على الحياد على الأقل، وده هينجح بالتأكيد الثورة، وأخيراً  صحى الراجل العجوز من غيبوبته وقرر يتواضع ويكلمنا، وبعد الساعة 12 بشوية والناس لازقة قدام التلفزيونات تمخض الجبل فولد فاراً ومسلوخاً كمان ، قالك هأغير الحكومة بحكومة جديدة الناس بقى شدت شعرها وضغطها أرتفع، والكل قرر أن الراجل ده يا أما ما بيفهمش، يا ميت أكلينيكاً، وبدأ الناس يتوافدوا تانى على الميدان وهما مقررين الاعتصام حتى الرحيل.