السبت، 12 يناير 2013

نزولى الميدان

الأيام اللى بعد كده كتر عدد الشهداء والهجوم على الثوار، وبدأ التضارب والهجوم الإعلامى ، وهجوم مؤيدين مبارك على الميدان، لكن الهجوم على الميدان بالبلطجية والمولوتوف وبالرصاص الحى واستمرار استشهاد شباب وصورهم اللى بدأت تظهر، ومحمد منير اللى غنى أول أغانى الثورة على استحياء، كل ده كتر الوافدين على الميدان حتى عشان الفرجة، وفيه ناس كانت رايحة تشوف حفلات الجنس الجماعى والتحرش، وناس لأن البلد كلها قافلة فكانت رايحة تتفرج على الغنى والهيصة وناس رايحة عشمانة فى 100دولار ووجبات كنتاكى، وناس تانية مش فاهمة وناس فاهمة بس ماكنتش مصدقة، وناس كانت خايفة بس الموضوع لما استمر اتشجعت ومن ده على ده، لكن فجأة بدأت الثورات تزحف على حتت تانية وتتسرق الأضواء من مصر ناحية ليبيا الأول، وبعدين اليمن وأخيراً سوريا،وفيه بلاد زى المغرب والجزائر والأردن والبحرين حاولوا لكن تم إجهاض ثوراتهم من البداية.
وفى ظل الزخم الثورى ده، وامتداد الربيع العربى زى ما أطلقوا عليه، بدأت الأضواء تتسرق من الثورة المصرية والوقت بدأ يفوت وماحدش عارف ايه النتيجة، ولا أحنا رايحين على فين، وبعد ما كانت الناس قاعدة تقلب القنوات من قناة لقناة تتنشق على خبر جديد يمكن تلاقى حاجة تفهمها الوضع هيخلص على إيه، وخاصة اللى فى الأقاليم اللى زينا اللى كانوا بعاد نسبياً عن قلب الأحداث، وقتها مدوا أجازات المدارس، وكنا بنروح كل فترة نمضى فى الدفتر ونروح، وفجأة جالى أشارة أن فيه تدريب وكنت ساخطة جداً وسخطى وصل لأخره لما اتعذبت فى المواصلات واتنقلت من مدينة لمدينة لمدينة تالتة وبهدلة جوه المواصلات وفجأة بعد ما وصلت المكان، لقيت زميلتى اللطيفة الله يهديها، بتتصل تبلغنى ان الاشارة اتلغت وانى لازم ارجع امضى فى الدفتر وإلا هيتشطب عليا، رجعت ولقيت حد موقع لى فى الدفتر، كنت بأغلى من الغيظ لأنى بجد ما كنتش لاقية مواصلات والوضع كان مخيف فى الشوارع وهى فاضية لا حد رايح ولا حد جاى، وسط انباء بتتردد عن انتشار بلطجية فى كل مكان، قابلت صفاء صاحبتى، قعدنا شوية وقررنا نروح وقلت لها واحنا ماشيين انا رايحة الميدان افتكرتنى باهزر، ولما اتاكدت انى باتكلم بجد بدات تتناقش وهى مش مصدقة انى هاعملها، لكن انا كنت حسمت امرى، عاوزة اعيش الحدث ده، الشىء الايجابى اللى كنت باستنى يحصل فى مصر عشان ينسف كل شىء قبيح وسىء لو انا قررت اروح وغيرى قرر وغيرى قرر، هنحافظ على الميدان ولو حافظنا على الميدان حر يبقى فيه أمل أن مصر تتحرر من كبوتها اللى طالت، حاولت معايا بالشمال واليمين بس كان خلاص، ودعتنى وهى متخيلة أنها هتكلمنى المغرب أو العشاء هتلاقينى صاحية من النوم وباشرب الشاى، لكن بالفعل رجعت البيت وقلت لبابا أنا رايحة الميدان وقالى لو كانت صحتى تسمح كنت جيت معاكى، ولما رجع اخويا وماما من بره قلت له تيجى معايا أنا رايحة الميدان، قالى ايوة أنا جاى معاكى جبنا كل واحد كام حاجة اساسية وفلوس وحطينا حاجتنا فى شنط اللابات بتاعتنا، لأن الظباط كانوا وقتها بيسالوا كل واحد رايح القاهرة رايح ليه، كاننا داخلين دولة تانية، وزيادة فى التمويه ركبنا من دمياط للمنصورة وركبنا من المنصورة للقاهرة، وماما اللى يخليها أدتنا شوية محشى وفراخ (قلب الأم بقى)، شحنا موبايلاتنا، وروحنا وأحنا متوقعين ما نرجعش، وأحنا قاعدين فى ميكروباص القاهرة اكتشفنا أن فيه ثلاث شباب كانوا رايحين وبيهمسوا لبعض ويرتبوا سيناريو لو الظباط سالوهم هيردوا يقولوا إيه، واحد فيهم قال هاقول انى رايح لخالى وانتوا قرايبى جايين معايا عشان نشوف شغل، طبعا الحمد لله ان مفيش ظباط مسكوهم والا كانوا اعتقلوهم فورا، عشان مصر كلها ما كانش فيها شفل، وبعدين ماشاء الله على ذكائهم كانوا واخدين بطانية، واللى رايح لخاله مش عارف العنوان اصلا، همست لأخويا اسلام دول رايحين معانا، قالى لو اتمسكنا هنقول ايه قلت له رايحة لمشرفتى وانت خايف عليا من اللى بنسمعه فجيت معايا توصلنى وهنبات عند خالتنا.
وصلنا الميدان بعد ما كانت مليونية لسه خالصة قبل المغرب اضطرينا طبعا نركب المترو وننزل فى محمد نجيب، بينى وبينكم رغم انى اتعلمت فى القاهرة، لكن ما كنتش اعرف اروح التحرير مشى، لكن ما سالناش كتير، لقينا وفود من البشر مقابلانا جاية من اتجاه واحد بدانا نمشى ناحيتهم لأن حظر التجول كان قرب، روحنا صلينا فى مسجد أثرى مش فاكرة اسمه، وصلينا العشا، وبعدين بدأنا نمشى مع الناس فى اتجاه الميدان، لما دخلنا طلبوا البطاقات الشخصية وفتشوا الشنط وسالونى ليه شنطة لاب وضحكوا لما قلت لهم تمويه،ودخلنا قابلنا عمرو قطامش كان بيقول قصيدة سنصلى الجمعة يوم الأحد دى، الجو كان رائع، نسيت اصلا الثورة، لأنى وقتها حسيت انى فى احتفالية كبيرة،وجم أهالى السويس بالسمسمية وغنينا أغانى زمان معاهم على السمسمية، وبدأنا نهتف مع الناس، كان احساس أروع من كل الاحاسيس، عارفين زى ايه زى يوم حر الواحد عرقان وجاى من صحراء معفر ومليان تراب ووقع فى حفرة مجارى فبقى لا طايق نفسه ولا طايق الناس، وفجاة حد قاله أنزل حمام السباحة ده هنطهرك ونعطرك، فبدأ يشم النسيم وينسى تعبه وقرفه ومعاناته، ويشم هواء نقى معطر ويحس أن كل خلية من خلايا جسمه بتتطهر وبتتنقى وكانها بتتولد من جديد.
كان لازم نشوف مكان نقعد فيه، وبدأنا نسأل الناس دلونا على مكان بيتوزع فيه بطاطين، ولقينا طابور طويل واقف يستنى البطاطين، وخدنا بطانية واحدة واضطرينا نختار مكان وسط الجناين الحدايد فى الصينية اللى فى الميدان جنب الخيم وقعدنا بعد ما فضلنا نلف مبهورين وفرحانين وحاسين باطمئنان غريب، لكن التعب بدأ يحل علينا والجو بدأ يبرد، أنا فاكرة انى وانا واقفة استنى اخويا وهو بيحاول يجيب له بطانية اكتر من 10 اشخاص عرضوا عليا المساعدة بأدب، ولما عطشت وهمست لأسلام عاوزة اشرب فسال واحد معاه زجاج مياة معدنية فين السوبر ماركت او اى محل نشترى منه مية، فادانى الزجاجة فورا وهو ما كانش شرب منه الا شربة واحدة، وطبعا لما الجو برد اسلام خلانى اتلف بالبطانية ووقف هو بيحاول يعرف بيجيبوا الخيام منين أو بيعملوها ازاى، ووقتها ظهر لنا واحد من الشباب من جيرانا فى الخيم وادانى بطانيته وساعد اخويا فى عمل خيمة صغيرة كنا قربنا على الفجر قضيت الليل وانا ساندة رقبتى على حديد الجنينة وقاعدة على الأرض والبرد هيموتنى لحد ما الفجر قال الله أكبر   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق